ما هي العوامل المؤثرة على العمالة؟

تؤثر على العمالة بالنقص أو الزيادة عوامل كثيرة منها:
1- نظام التوزيع. 2- تدخل الدولة. 3- الأجور.
4- السياسة النقدية. 5- السياسة المالية.
6- السياسة السعرية.
7- واجبات وحقوق العمال. وغير ذلك.
وسوف نتناول منها بالتوضيح ما يلي:
أولاً: التدخل الاقتصادي للدولة:
إن التدخل في النشاط الاقتصادي هو من وظائف الدولة في الإسلام، فالدولة في الإسلام ذات وظيفة إيجابية ممتدة ومستمرة، كما أنها وظيفة متعددة الأبعاد والجوانب، وقد ترجم علماؤنا لتلك الوظيفة بعبارة جامعة هي (حراسة الدين وسياسة الدنيا).
ولولي الأمر الحق في التدخل لتحديد المسار الاقتصادي إذا انحرف، ولحماية اقتصاد الأمة من العبث والاستغلال والاستهتار والاعتداء.
ومن وظائف الدولة الإسلامية في المجال الاقتصادي:
1- العمل على أن يقوم الناس بفروض الكفاية في الجانب الاقتصادي: ويشمل ذلك السهر على مرافق الدولة الاقتصادية والعناية  بها، كما يشمل الاهتمام بالصناعات وتشجيع الزراعة والتجارة واستصلاح الأراضي وما إلى ذلك.
2- مراقبة النشاط الاقتصادي للأفراد ليكون ملتزمًا بقواعد الشريعة: وتتمثل في ولاية الحسبة.
3- تحقيق التوازن الاقتصادي بين أفراد المجتمع بحيث لا يعيش بعضهم في ترف ونعيم بينما الآخرون في حاجة وعوز.
قال تعالى: ﴿كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾.
4- ضمان الحاجات الأساسية لكل رعايا الدولة: وذلك بالعمل على تأمين الغذاء والكساء والعلاج والمسكن، وكل الحاجات الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها، وما إلى ذلك.
وفيما يتعلق بواجبات الدولة الإسلامية تجاه العمل فهي:
1- التخطيط والتوجيه نحو العمل: وذلك بالقيام بتأهيل العاطلين تأهيلاً نفسيًا وماديًا للعمل، وبأمر العاطلين بالعمل.
2- الإرشاد إلى بدائل مشروعة من العمل، بدلاً من الأعمال التي حرَّمها الله: فالإسلام منع العمل أصلاً إذا كان عملاً ممنوعًا حرمته الشرعية كممارسة البغاء والفجور والقمار وصنع الخمر، وقام بتوجيه كل عاطل إلى عمل يتلاءم مع قدراته ومواهبه.
3- الحث على الإنتاج: وذلك حتى يتحقق فائض ينفق في المجتمع.
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: طُلّقت خالتي، فأرادت أن تجُذَّ  نخلها، فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي عليه الصلاة والسلام: فقال: ((بلى. فجُذِّي نخلك، فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفًا)).
4- رفع الروح المعنوية للعمل: وذلك بإحلال السكينة محل العجز والكسل وضرورة تمسك الأفراد بالعروة الوثقى وهي تفويض الأمر لله والثقة به مع الأخذ بالأسباب.
5- متابعة العاطلين بعد توجيههم إلى عمل محدد. وغير ذلك.
والتدخل من قبل الدولة واجب إذا أساء المال إلى الناس بأن أسرف أصحابه أو بخلوا وقتروا أو انحرفوا.
فإذا امتنع المالك عن استثمار أمواله فيما يعود عليه وعلى المجتمع بالنفع، كان للحاكم التدخل لتحقيق ذلك، صيانة لمصلحته ومصلحة الناس.
وإذا اختار المالك أسلوبًا يؤدي إلى ضآلة الإنتاج أو ضياع رأس المال، فإن للحاكم أن يلزمه بأسلوب آخر يعود عليه، وعلى الأمة بالخير والفائدة.
وإذا رأى الحاكم المسلم أن أحوال المجتمع الاقتصادية ليست على ما يرام، فإن له أن يضع الخطط المدروسة التي تضمن توجيه  الأفراد لأنواع من الاستثمار والإنتاج يحتاجها المجتمع وتساعد في رقيه وتقدمه.
كما أن للحاكم التدخل في أعمال الفرد الضارة بأخلاق الناس المفسدة لهم).
مما سبق يتضح أن الإسلام أعطى للدولة دورًا محددًا في التدخل في النشاط الاقتصادي، وهذا التدخل لا ينافي ولا يناقض مبدأ الحرية الاقتصادية لأفراد المجتمع.
وتدخل الدولة مشروط بأن يعجز الأفراد عن القيام بالنشاط الاقتصادي أو إعراضهم عنه أو تقصيرهم فيه، ومشروط بموافقة أوامر الشرع قبل ذلك، إضافة إلى مراعاة الصالح العام.
وبالنظر إلى ما سبق، نجد أن تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي يؤثر في العمالة بالزيادة، ذلك استنادًا إلى قيام الدولة بوظائفها الاقتصادية وواجباتها نحو العمل، وفي ذلك حفظ على العمل، ودفع إلى التشغيل وعلاج لمشكلة البطالة.
ثانيًا: فريضة الزكاة:
الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة، وقد اقترنت مع الصلاة في كثير من الآيات والأحاديث. ونحن هنا لن نعرض لفقه الزكاة، وإنما نعرض لدور الزكاة في تحقيق التشغيل الكامل.  
1- الانتاج الوطني: يؤثر إنفاق حصيلة الزكاة على الإنتاج القومي من خلال عدة قنوات، يأتي في مقدمتها الإنفاق على الفقراء والمساكين. حيث إن الفقراء والمساكين يوجهون معظم دخلهم من الزكاة إلى تأمين حاجاتهم الضرورية. بمعنى آخر، لأن الميل الحدي للاستهلاك عند الفقراء والمساكين في ظل الظروف العادية، أكبر من الميل الحدي للاستهلاك عند الأغنياء، مما يجعل معظم عائداتهم من الزكاة تتسرب إلى السوق. على هيئة طلب فعَّال، أكبر من لو احتفظ الأغنياء بحصيلة زكاتهم. ومن ثم يزيد المنتجون من انتاجهم لمواجهة الطلب المتزايد على سلعهم وخدماتهم. ويستتبع ذلك زيادات متتالية في معدلات الاستثمار الوطني والتشغيل والدخل الوطني.
2- الاستثمار الوطني: يؤثر الالتزام بإخراج الزكاة على الاستثمار ومعدل نموه عبر أكثر من طريق. فهو في جانب محفز لمالك النصاب على استثمار أمواله وإلاَّ تعرض للخسارة المادية بمقدار ما يدفعه سنويًا من زكاة، فالالتزام بإخراج الزكاة يحد من الاكتناز ويدفع نحو الاستثمار، يقول عليه الصلاة والسلام: ((من ولي يتيمًا له مال فليتجر له، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة)).
كما أن إنفاق الزكاة على مستحقيها يقود إلى زيادة دخول الفقراء والمساكين وغيرهم، ومن ثم زيادة إنفاقهم الاستهلاكي نظرًا لأن الميل الحدي للاستهلاك لديهم أكبر. ولمواجهة الزيادة في الطلب  على السلع والخدمات سيزيد المنتجون من انتاجهم مما يعني المزيد من الاستثمارات، ومن ثم الدخل الوطني فالاستثمار وهكذا.
3- التشغيل: يؤدي الالتزام بإخراج الزكاة إلى زيادة الطلب على الأيدي العاملة، ومن ثم يحد من البطالة.
4- سهم الغارمين: إن من حسنات هذا السهم، بالإضافة إلى تعويض المدينين عما يلحق بهم من خسائر، هو إيجاد نوع من الاطمئنان لدى المتعاملين (الدائن والمدين)، ويدعم هذا الائتمان والاستقرار الاقتصادي، ومن ثم يعمل على تشجيع أصحاب المهارات على الدخول في الاستثمارات الحلال والبذل في المصالح العامة.
5- سهم في الرقاب: إن الإنفاق في الرقاب من شأنه أن يحرِّر قوة عاملة لا بأس بها لتسهم في الأعمال الاقتصادية المختلفة بما يعود عليهم وعلى المجتمع بأسره بمزيد من الانتاج الذي من شأنه أن يزيد فرص الاستثمار.
6- سهم العاملين عليها: لم يجعل الإسلام جمع الزكاة سُخرة بدون أجر رغم ما في ذلك من فضل.
قال عليه الصلاة والسلام: ((لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي)).
وقال كذلك: ((لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب)).
إنّ الإسلام يوجب العمل على القادر عليه ويجعله فرض عين ثم هو يمجده ويحث عليه.  
مصارف الزكاة تشجيع على العمل ولا تشجع على البطالة:
1- من المعلوم اقتصاديًا، أن عملية إعادة توزيع الدخل من شأنها أن تقلل من حدة التفاوت في الدخول، وهذا أمر له تأثيره الكبير في علاج البطالة.
2- الزكاة تقوم بعملية نقل وحدات من دخول الأغنياء إلى الفقراء، ومن المعلوم أن الأغنياء يقل عندهم الميل الحدي للاستهلاك ويزيد عندهم الميل الحدي للادخار، وأما الفقراء فعلى العكس، يزيد عندهم الميل الحدي للاستهلاك، وينقص الميل الحدي للادخار ويترتب على ذلك أن حصيلة الزكاة سوف توجه إلى طائفة من المجتمع يزيد عندها الميل الحدي للاستهلاك وهذا يؤدي بدوره إلى زيادة الطلب الفعَّال، كما قلنا سابقًا، مما يترتب عليه الزيادة في طلب سلع الاستهلاك فتروج الصناعات الاستهلاكية، ويؤدي ذلك إلى رواج السلع الانتاجية المستخدمة في صناعة السلع الاستهلاكية، فيزيد الإنتاج ومن ثم تزيد فرص العمل الجديدة تبعًا لذلك.
ومن ذلك كله يتضح دور الزكاة في كل من الاستثمار والإنتاج والاستهلاك والتشغيل، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تأثير على العمالة بالزيادة.
ونلاحظ مما سبق أن التدخل الاقتصادي للدولة وفريضة الزكاة يؤثران على العمالة بالزيادة، وهناك عوامل أخرى تؤثر على العمالة  بالنقص منها، الإكتناز والاحتكار والربا، وتشغيل الأحداث والصبيان، وما إلى ذلك.
وتؤثر عوامل أخرى على العمالة بالنقص أو الزيادة منها:
1- الطلب الفعَّال (الفعلي). 2- الموقف من الاحتكار.
3- نقابات العمال. 4- ساعات وظروف العمل.
وغير ذلك وسنتناول منها بالتوضيح ما يلي:
الأجور:
يُعرَّف الأجر بأنه: (المبلغ الذي يتقاضاه الأجير الذي يؤجِّر ما يملك من قدرة على العمل لصاحب العمل، ويعمل تحت إمرة الأخير ولحسابه).
الأجر النقدي هو: (مقدار المبلغ من النقود الذي يحصل عليه العامل كأجر في مقابل إسهامه بعمله في عملية الإنتاج لمدة معينة).
والأجر الحقيقي هو: (مقدار القوة الشرائية للأجر النقدي أي مقدار السلع والخدمات التي يمكن الحصول عليها بواسطة الأجر النقدي).
والسؤال المهم هنا: هل يؤدي تخفيض الأجور النقدية للعمال إلى زيادة مستوى العمالة وانتشال الاقتصاد الوطني من حالة الكساد التي يعاني منها؟
انتهى التقليديون (الكلاسيك) إلى وجوب تخفيض الأجور لمعالجة الكساد عندما يقل الطلب على العمال، وذلك إلى الحد الذي يصبح  فيه مربحًا للمنتجين أن يستخدموا كل شخص قادر على العمل وراغب فيه.
وتتلخص حجة التقليديين الأساسية في أن تخفيض الأجور من شأنه تخفيض نفقات إنتاج السلع وبالتالي ثمنها، مما يؤدي إلى زيادة المبيعات منها، وبتزايد المبيعات يتزايد الإنتاج ويستخدم المزيد من العمال في مختلف الصناعات، وسيكون من مصلحة المنتجين الإقدام على زيادة الإنتاج، لأنه يفترض أن النقص في الأجور النقدية للعمال سيكون أكبر من النقص في ثمن المبيع، مما يعني انخفاضًا في الأجور الحقيقية وتزايدًا في أرباح المنتجين، وبهذا تتزايد العمالة، وذلك حتى يتحقق مستوى العمالة الكاملة.
ولهذا فإن التوازن في النظرية الاقتصادية هو توازن عند مستوى العمالة الكاملة، كما قلنا سابقًا.
وقد حبَّذ بيجو في عام 1933م، تخفيض الأجور للخروج من الكساد الكبير الذي كانت تعاني منه بريطانيا في ذلك الوقت.
وقد اعترض كينز بشدة على المدرسة التقليدية في موضوع الأجور والعمالة. وبيَّن كينز أن هناك احتمالاً كبيرًا لأن يؤدي انخفاض الأجور إلى زيادة البطالة بدلاً من القضاء عليها.
ويرجع ذلك لعدة عوامل نذكر منها:
1- أجر العمال دخل لهم، والأجر نسبة من الدخل الوطني، فعند انخفاض الأجر، ينخفض دخل العمال، فيقل الطلب على السلع، وبالتالي يقل الإنتاج فينخفض مستوى التشغيل وتزيد البطالة.  
2- انخفاض الأجر، سيؤدي إلى طرد المنظمين جزءًا من العمال، فيؤدي ذلك إلى زيادة البطالة.
بالإضافة إلى ما يلي:
أ - العمال لن يقبلوا تخفيض الأجور.
ب - تخفيض الأجور يتجاهل مستوى الطلب الفعلي في الاقتصاد، فتخفيض الأجور يؤدي إلى زيادة الطلب المتعلق بصناعة واحدة، ولكنه لا ينطبق على الاقتصاد الوطني ككل.
جـ - تخفيض الأجور سيؤدي إلى نقص دخول العمال النقدية وسينقص هذا من مقدار الإنفاق الاستهلاكي في الاقتصاد الوطني، وبالتالي ينقص حجم الإنفاق الكلي في هذا الاقتصاد.
د - القاعدة الاقتصادية تقول: ((في علم الاقتصاد فإن ما ينطبق على الجزء ويكون صحيحًا بالنسبة له، لا يحتم أن ينطبق على الكل ويكون صحيحًا بالنسبة له)).
هـ - تخفيض الأجور النقدية سيؤدي إلى تغيير صورة توزيع الدخل الوطني في المجتمع ضد مصلحة الطبقات ذات الميل الأكبر للاستهلاك وهم العمال، ولمصلحة الطبقات ذات الميل الأقل للاستهلاك وخصوصًا أصحاب الأعمال.
وهذا يحدث نقصًا في الإنفاق الاستهلاكي ومن ثم في الإنفاق الكلي، وفي الطلب الكلي، ولن يزداد الانتاج ولن يرتفع مستوى العمالة نتيجة تخفيض الأجور النقدية.
إذا لم يكن من شأن تخفيض الأجور النقدية مكافحة الكساد  ورفع مستوى العمالة، فهل يعني هذا أن زيادة الأجور النقدية هي العلاج للكساد والبطالة؟
إطلاقًا. ففي حين نادى كينز برفع الأجور النقدية، نظر إليها على أنها دخول.
يقول أحد الباحثين: ((إن السبب الذي يحول دون زيادة حجم العمالة تبعًا لانخفاض الأجور هو أن الأجور تلعب دورًا مزدوجًا في النظام الاقتصادي، إذ هي تمثل نفقات ودخولاً في آن واحد. فإذا اعتبرت الأجور جزءًا من نفقات الإنتاج (كما رأى التقليديون ذلك) فمن البدهي أن يؤدي انخفاضها إلى تمدّد حجم العمالة.
وأما إذا اعتبرت الأجور دخولاً (كما رأى كينز ذلك) فلاشك في أن انخفاضها يؤدي إلى انكماش حجم العمالة).
والحقيقة أنه ليس من المهم تخفيض الأجور النقدية أو رفعها، وإنما المهم هو الطلب الفعلي).
وعلى هذا، فالأجور عامل مهم مؤثر في العمالة زيادة أو نقصًا.
نقابات العمال:
يقول أحد الباحثين إن نقابات العمال: (اتحاد يضم العمال المشتغلين في مهنة أو حرفة معينة، بغرض تحسين ظروفهم وزيادة العائد الذي يحصلون عليه في صورة أجر لقاء العمل الذي يبذلونه).  
ويقول كذلك إنها: (جمعيات تشكل لأغراض المساومة الجماعية بشأن شروط الاستخدام وتنمية مصالح أعضائها الاقتصادية والاجتماعية عن طريق الضغط على الحكومات والهيئات التشريعية، بل وبالالتجاء إلى العمل السياسي في بعض حالات معينة).
وظائف النقابة العمالية: تتمثل في المساومة الجماعية حول معدلات الأجور، وظروف الاستخدام وتوفير المنافع والخدمات لأعضائها.
الهدف من النقابة العمالية: تدعيم وضع العمال بتكوين اتحاد يضم شملهم، وتكوين أرصدة نقدية تحقق أغراضهم، وأموال النقابة العمالية تستخدم عادة في الوجوه الآتية:
أ - أغراض تجارية. ب - أغراض اجتماعية.
جـ - أغراض تمثيلية.
وسائل النقابة العمالية: التهديد بالاضراب، والضغط على الحكومات والهيئات النيابية عن طريق العمل السياسي في بعض الأحيان.
وبالنسبة للمساومة الجماعية، يقول أحد الباحثين إنها:
(عبارة عن التفاوض بين الإدارة وممثلي العمال من أجل تحديد الأجور وغيرها من الظروف التي يجري أداء العمل في ظلها).
والمساومة الجماعية تكسب العمال قوة مساومة أكبر.
وأقوى سلاح، كما قلنا، في يد النقابة هو التهديد بالإضراب في حالة عدم الاستجابة لمطالبها أو رفض التفاوض بشأن هذه المطالب.  
والإضراب هو: (توقف كامل عن العمل في معمل تم الإعداد له من جانب العمال، وذلك في محاولة لإجبار إدارة العمل على تحقيق مطالب معينة لهم).
وتلجأ النقابة العمالية لعدة طرق لرفع الأجور منها:
أ - مساندة الإجراءات التي تزيد من الطلب على العمل.
ب - الحد من عرض العمل. جـ - وضع حد أدنى للأجور.
د - الإضرابات، وذلك في حالة فشل المساومة الجماعية).
يرى بعض الكتَّاب: (أن النقابات منذ الحرب العالمية الثانية تحدث ضغطًا متواصلاً على الأسعار في الاتجاه الصعودي مما يجعل من المتعذر الاحتفاظ بثبات الأسعار وإقرار التوظف الكامل الوقت نفسه، وتبعًا لذلك فإن إصرار النقابات على زيادة الأجور يدعو إلى زيادة الإنفاق الكلي فيؤدي ذلك بدوره إلى زيادة مضطردة في المستوى العام للأسعار إلى حد تصبح عنده الزيادة السنوية في الأجور النقدية أعلى من الزيادة في إنتاجية العمل، وعلى هذا الأساس فإن كثيرًا من موجات التضخم ترجع إلى نشاط النقابات).  
كما يرى كتّاب آخرون: (أن النقابات يمكن أن تتسبب في ظهور البطالة، لأنها ترفع من مستويات الأجور رفعًا مصطنعًا، كما أنها تمنع الأجور من الهبوط إلى المستوى الذي يكفي لإيجاد التعادل بين عرض العمل والطلب عليه).
وقد أرجع بيجو تفشي البطالة إلى ما يتسبب فيه نشاط نقابات العمال وتدخل الحكومة من الابتعاد عن المنافسة الكاملة في سوق العمل، وبالتالي عدم تمكين معدلات الأجور من الانخفاض إلى المستوى الذي تمليه قوى العرض والطلب في هذه السوق أي إلى المستوى الذي يجد فيه كل راغب في العمل، العمل المنشود وفقًا لحالة الطلب على العمل.
وهكذا يكون السلوك الاحتكاري لنقابات العمال بتأييد من الحكومة هو السبب في البطالة. أما العوامل التي من شأنها ابتعاد سوق العمل عن المنافسة الكاملة، فهي المساومات الجماعية على الأجور وشروط العمل من جانب نقابات العمال والقوانين التي تحدِّد حدًا أدنى للأجور).
ولتوضيح تأثير النقابات على العمالة نورد مثالاً بيانيًا كما يلي:
لو افترضنا أن نقابات العمال قد تدخلت ورفضت انخفاض الأجور إلى ما دون المستوى م حـ (في الشكل الآتي) باعتباره حدًا أدنى للأجر فسوف ينخفض بالضرورة طلب المشروعات والمنظمين على العمال مما ينقل منحنى الطلب على العمل إلى الوضع ط - ط -.  
ويترتب عليه أمران في غاية الخطورة بالنسبة للنظام الرأسمالي خاصة هما:
أ - انتقال مستوى العمالة من م ك إلى م ع، أو زيادة مستوى البطالة من الحجم ك ع إلى الحجم ك ق.
ب - تصبح البطالة الإجبارية عند مستوى الأجر م جـ م مع انخفاض مستوى الطلب على العمل، حيث يتحدد عرض العمل بالكمية م ك، بينما يتمثل الطلب على العمل بالحجم م ق فقط.
وهذا يعني أن النظام عند هذا المستوى المرتفع من الأجر قد أصبح عاجزًا عن تشغيل كل راغب في العمل بهذا الأجر، وبذلك تظهر البطالة الاجبارية. فسبب ظهور البطالة الاجبارية هو تدخل نقابات العمال.
يتضح مما سبق، أن نقابات العمال مؤثرة كذلك في العمالة نقصًا أو زيادة.
وبالإضافة إلى الأجور ونقابات العمال، فإن هناك عوامل أخرى تؤثر على العمالة بالنقص أو الزيادة، أجملنا بعضها في أول البحث.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قد يهمك أيضاً :