هل هناك علاج نهائي لمرض السكر لدى الأطفال ؟
الإجابة المباشرة على هذا السؤال هي: لا يوجد حتى الآن علاج نهائي لمرض السكر لا عند الأطفال ولا عند الكبار ولكن هناك خطوات كبيرة خطاها العلم في سبيل مقاومة هذا المرض والمستقبل يبشر بالخير، وإليكم التفصيل :
يعد مرض السكر من أكثر الأمراض انتشارا على مستوى العالم وعلى مستوى المملكة بشكل خاص، ولعلنا لا نجد شخصا لا تربطه صلة بمريض سكر لذا وجب التعريف بهذا المرض وطرق علاجه. مرض السكر ليس مرضا بحد ذاته بل مجموعة من العوارض (أو ما يعرف بالمتلازمة Syndrome) تتميز بارتفاع في مستوى سكر الدم (الجلوكوز) ومن المعروف أن الغذاء الرئيسي لخلايا الجسم هو الجلوكوز ولكنه لا يستطيع الدخول إلى أغلب خلايا الجسم من تلقاء نفسه فيعكل هرمون (الإنسولين) على إدخاله إلى داخل الخلايا بمساعدة البوتاسيوم غالبا.
غدة البنكرياس هي الغدة التي تفرز الإنسولين تلقائيا في الدم. ولكن قد يحصل أن يفقد البنكرياس القدرة على إفراز الإنسولين أو لا يفرزه بشكل كاف. وفي كلتا الحالتين لن يتوافر إنسولين كاف لإدخال الجلوكوز إلى الخلايا. ولا يعرف السبب الحقيقي وراء فشل البنكرياس في إفراز الإنسولين بشكل سليم، وقد عزي الأمر إلى إصابات فيروسية أو اضطراب في أداء الجهاز المناعي.
لمرض السكر نوعان، كان يسمى النوع الأول قديما بسكري الأطفال لأنه نوع يظهر في الأطفال غالبا، ويسمى النوع الثاني بسكر الكبار لأنه ينتشر غالبا بينهم. ولكن لم تعد هذه التسمية دارجة الآن، بل يكتفى بقول النوع الأول (type I) والنوع الثاني (type II). ولأن النوع الأول يتصف بفقدان كامل للأنسولين، فإن المريض به يحتاج إلى أخذ إنسولين خارجي (على شكل حقن) لهذا يسمى أحيانا (السكري المعتمد على الإنسولين)، أما في النوع الثاني فيستطيع المريض تناول أقراص تساعد البنكرياس على إفراز كمية أكبر من الإنسولين وأقراص أخرى تساعد الإنسولين الذي يفرز على العمل بكفاءة أكثر ولهذا يسمى أحيانا (السكري غير المعتمد على الإنسولين).
لاحظ العلماء تداخلا كبيرا بين هذين النوعين وتحول من النوع الثاني إلى النوع الأول (أي إلى فقدان كامل لمستوى الإنسولين في الدم)، إذَن سيكون العلاج في النهاية هو الإنسولين. والآن بعد أن تعرفنا على المرض بنوعيه بشكل مبسط سنتعرف على الإنسولين الذي هو مفصل العلاج لهذا الداء.
كما أسلفت فالإنسولين هو هرمون يفرز من غدة البنكرياس (وبالتحديد من خلايا بيتا أو ما يعرف بجزر لانجرهانز) مباشرة في الدم. وباعتبار أن مريض السكر لا يمكنه إنتاج الإنسولين، يتوجب عليه أخذه من خارج الجسم. وكلنا نعرف أن الإنسولين يعطى على شكل حقن تحت الجلد وسأوضح سبب هذا.
حين عرف مجموعة من علماء الكيمياء الحيوية كيفية استخلاص الإنسولين (ونالوا جائزة نوبل على ذلك) أصبح الإنسولين يستخرج من بنكرياس البقر ويعطى للمرضى، ونظرا لاختلاف طفيف في تركيب الإنسولين في البقر عنه في الإنسان حدثت بعض حالات الحساسية للمرضى المستخدمين لهذا الإنسولين (أي المستخلص من البقر)، عندها وجد العلماء أن الاختلاف أقل بين إنسولين الإنسان وإنسولين الخنزير، لذا أصبح الإنسولين يستخرج من الخنزير بعد ذلك، ولكن حدثت المشاكل نفسها وإن كانت بشكل أقل. وفي سنة 1982 أنتج إنسولين الإنسان بطريقة التقنية الحيوية وهو علم حديث فتح الباب لمجال كبير جدا في علاج الأمراض وأصبح هذا هو الإنسولين الذي تراه في الصيدليات الآن.
أما لماذا يجب إعطاؤه على شكل حقن فذلك يرجع لتركيب الإنسولين. الإنسولين عبارة عن بروتين (يتكون من 51 حمضا أمينيا). أي أنه لو دخل إلى المعدة سيهضم كأي بروتين أي كأنه جزء من قطعة لحم لذا لا يمكن وضعه على شكل أقراص، وقد حاول علماء الصيدلانيات تحضير تركيبة للإنسولين تقاوم حمض المعدة وتمكنو من تجاوز هذه المشكلة ولكن المشكلة الأكبر التي واجهتهم هي أن الإنسولين يتكون من 51 حمض أميني أي أنه دواء ذو حجم كبير جدا، والقناة الهضمية لا تستطيع امتصاص هذا الحجم الكبير من الأحماض الأمينية المتصلة ببعضها البعض. لذا فلا سبيل لإعطائه عن طريق الفم ففكر العلماء ووجدوا أنه لو حقن تحت الجلد يمكن امتصاصه وإدخاله إلى الدم وهذا هو السبيل المتبع حاليا.
وحري بنا قبل التحدث عن داء السكري وأنواعه وطرق علاجه التحدث عن الغذاء السليم وممارسة الرياضة المتزنة بشكل مستمر (مثل المشي المنتظم) والمحافظة على الوزن المثالي لأن هذه هي الواقاية وهي أهم أسباب الشفاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق