توضيح ما هو مفهوم العمالة في الاقتصاد الوضعي؟

https://encrypted-tbn1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQUntH5rv-Y9RPAkwGlLHB59EZsYURESqCzLfuznQQICP2cWTP-MA
- مفهوم العمالة:
العمالة - التوظف - التشغيل - الاستخدام.
هل هذه المصطلحات من المترادفات، أم لكل مصطلح معناه الخاص ومضمونه المغاير؟
العمالة هي: ((تشغيل أو توظيف الموارد الاقتصادية في العملية الانتاجية)).
التوظف: يقول الاقتصادي المشهور كينز: ((التوظف في اللغة الدارجة يعني شراء أحد الأفراد أو إحدى الشركات لرأسمال قديم أو جديد. كما نسمع الحديث يجري أيضًا عن التوظف في العقارات وفي الآلات)).
والمقصود بالتوظف هو: ((اشتراك عوامل الانتاج في العمليات الإنتاجية)).  
التشغيل هو: ((عملية إلحاق العمال بالوظائف المخصصة لهم بالمنشأة، والتي تتناسب مع مؤهلاتهم وخبرتهم. ويعني هذا من وجهة نظر مكاتب التوظيف عملية إلحاق العامل العاطل بالعمل المناسب حيث يطلق على العامل العاطل الذي لم يعين بعد Unplaced، أما العامل الذي لم يرشح بعد فيطلق عليه Unferred)).
الاستخدام هو في معناه المتداول: ((الحصول على عمل مأجور. فالشخص الذي يفقد عمله يقع في البطالة)).
يقول أحد الباحثين: إن الاستخدام: ((هو تشغيل الأفراد في انجاز الأعمال والمهمات التي تستهدف تكوين الأموال والثروات القادرة على سد وإشباع حاجات المستهلكين)).
ويقول كذلك: إن الاستخدام: ((هو مشاركة عدد من الأفراد في أداء عمل معين، وهذا العدد يشكل نسبة معينة من مجموع القوى العاملة في المجتمع)).
من ذلك كله يتضح أن العمالة والتوظف والتشغيل والاستخدام هي من المترادفات، وتعني مفهومًا واحدًا.  
وهذه المصطلحات تدور حول معنى واحد هو: ((كون الشخص مستخدمًا في عمل منتظم يتلقى عنه أجرًا)).
والشائع من هذه المصطلحات هي مصطلحات العمالة والتوظف والتشغيل، أما مصطلح الاستخدام فهو نادر الشيوع.
وعلى هذا فإني سأسير في بحثي هذا على استخدام مصطلحات العمالة والتوظف والتشغيل من حيث إنها تعني مفهومًا واحدًا.
- العمالة الكاملة:
هناك تعريفات عديدة للعمالة الكاملة، منها على سبيل المثال:
1- ((التوظف الكامل يعني وجود عدد من الوظائف الخالية أكبر من عدد العمال المتعطلين، وذلك على وجه الدوام)).
2- التوظف الكامل يعني: ((أن كل شخص يحتاج إلى عمل حسب الأجور السائدة، وفي الأوقات المقررة، سوف يجد هذا العمل دون أن يلقى صعوبة كبيرة)).
3- العمالة الكاملة هي: ((الحالة التي يتساوى عندها عدد الأعمال الشاغرة مع عدد العمال العاطلين، وأن تكون الأعمال المتوافرة أعمالاً منتجة بقدر الإمكان)).  
4- العمالة الكاملة هي: ((الحالة التي تصبح فيها مرونة عرض المنتجات في الاقتصاد الوطني بالنسبة لما يحدث في حجم الطلب الفعلي صفرًا)).
5- العمالة الكاملة يقول كينز: إنها تكون عند: ((... النقطة التي يكف عندها عرض المنتجات عن أن يكون مرنًا، أي عندما لا يعد صاحب الزيادة الاضافية في قيمة الطلب الفعلي أية زيادة في المنتجات، أي حالة تكون فيها العمالة الكلية غير مرنة بالنسبة إلى الزيادة في الطلب الفعلي على منتجاتها)).
6- ويعرِّف اللورد بيفردج العمالة الكاملة بأنها تعني: ((أن تكون هناك دائمًا وظائف أكثر عددًا من العاطلين)).
من ذلك كله يتضح أن العمالة الكاملة تعني: ((الحالة التي يصل فيها الاقتصاد الوطني إلى الحد الأقصى من الإنتاج الذي تنتجه عوامل الإنتاج المتاحة)).
وجدير بالذكر القول: إنه ليس هناك اتفاق على تعريف موحَّد للعمالة الكاملة.
وبما أن العمالة الكاملة تعني أن قوة العمل تعمل بكاملها، فإن هذا يتطلب منا تحديد المراد بقوة العمل.  
يقول أحد الباحثين: ((عندما يرد هذا المصطلح على المستوى الوطني فإنه يعني السكان الذين في سن العمل والذي يتراوح غالبًا بين 15- 65، ويتكون من جميع الأفراد الذين يسهمون فعلاً بمجهوداتهم الجسمانية أو العقلية في أي عمل يتصل بإنتاج السلع أو الخدمات، أو الذين يقدرون على أداء هذا العمل ويرغبون فيه ويبحثون عنه)).
ويمكن توضيح ذلك من خلال بعض المعادلات على الشكل التالي:
القوة العاملة = القوة البشرية - غير الموجودين في سوق العمل.
القوة البشرية = عدد السكان - غير المنتجين.
حيث: إن القوة العاملة هي عبارة عن جملة السكان المعتبرين في سوق العمل سواء عاملين أم باحثين عن العمل.
والقوة البشرية تقدر ما بين 15- 64 سنة.
وغير الموجودين في سوق العمل هم ربات البيوت والطلبة والطالبات ونزلاء السجون وأرباب المعاشات والزاهدون.
وأما غير المنتجين فهم الأطفال وكبار السن والعجزة الدائمين والشباب في سلك التعليم)).  
علمًا بأن القوة العسكرية لا تدخل ضمن قوة العمل، وإنما فقط القوة المدنية.
وللتوضيح نضرب مثالاً رقميًا مستخدمين ما سبق من معلومات:
نفرض أن عدد السكان 10 ملايين نسمة، وأنَّ مَنْ هم أقل من سن العمل ومَنْ هم أكبر من سن العمل حوالي 4 ملايين نسمة. وأن الشباب الذين هم في سلك التعليم حوالي مليوني نسمة. وأن العجزة والمرضى والقوة العسكرية حوالي نصف مليون نسمة، وأن النساء وبقية غير الموجودين في سوق العمل وبقية غير المنتجين حوالي نصف مليون نسمة.
فإننا يمكن أن نحصل على تقدير لقوة العمل وذلك من خلال:
قوة العمل = 10 - 7 = 3 ملايين نسمة.
حيث إن: 10 ملايين نسمة = عدد السكان.
7 ملايين نسمة = غير الموجودين في سوق العمل وغير المنتجين.
فإذا أمكن تشغيل الـ ((3 ملايين نسمة)) التي هي قوة العمل، تشغيلاً كاملاً نقول إن المجتمع فيه تشغيل كامل أو عمالة كاملة أو توظف كامل. وإن لم يتمكن ذلك، فإنه يعني أن هناك جزءًا من قوة العمل معطَّلة، ومن ثم فإنه يوجد بطالة في المجتمع.
- مراحل العمالة:
الأولى مرحلة العمالة الكاملة: سبق تحديد المقصود بالعمالة الكاملة.
الثانية مرحلة العمالة فوق الكاملة: يقول أحد الباحثين إنها: ((الحالة التي يكون فيها الطلب على السلع والخدمات مرتفعًا، بالمقارنة  مع الطاقة الإنتاجية القصوى للنشاط الاقتصادي، وبذلك ينشأ ضغط تضخمي في أسواق السلع والعمل)).
وقال آخر إنها: ((تعني تضخمًا في سوق العمل تستخدم فيه طاقات لا تستخدم عادة، كربات البيوت والعجزة والمسنين، كما تعني فيما يتعلق بالمنشأة الواحدة تشغيل عدد من العمال أكثر مما تستلزمه حاجة العمل)).
العمالة فوق الكاملة = العمالة الفائضة = العمالة الزائدة = التضخم.
وهذه تعني مفهومًا واحدًا.
الثالثة مرحلة العمالة دون الكاملة: ((وهي الحالة التي يكون الطلب الكلي أقل من العرض الكلي)).
العمالة دون الكاملة = العمالة الناقصة = تحت الاستخدام = البطالة.
وهذه تعني مفهومًا واحدًا.  
المراحل الثلاث هي:
1- العمالة الكاملة. 2- التضخم. 3- البطالة.
- أهمية العمالة الكاملة:
اهتمت المؤسسات الدولية بهذا الموضوع، جاء في ميثاق الأمم المتحدة في المادتين (55، 56): ((إن تحقيق الاستخدام الكامل والمحافظة عليه هو أحد الأهداف الرئيسة)).
يقول أحد الباحثين: ((يعتبر القضاء على البطالة وتحقيق الاستخدام الكامل الهدف الأساس الذي ترمي كل السياسات الاقتصادية إلى بلوغه)).
ويقول كينز: ((إن العمالة الكاملة هي الواجب الأول للدولة)).
- أهداف العمالة الكاملة:
تهدف العمالة الكاملة إلى:
1- الانتفاع الكامل بكل قوى العمل المتاحة للجميع.
2- الانتفاع بكل الموارد الأخرى إلى جانب العمل البشري.
وغير ذلك من الأهداف المختلفة.  
- فوائد العمالة الكاملة كثيرة ومنها:
1- زيادة عدد السلع والخدمات التي ينتجها المجتمع ويستمتع بها، وذلك بسبب ازدياد القوى الإنتاجية.
2- تأمين الفرد ضد العوز ودعم الثقة في المستقبل.
3- بث الطمأنينة في نفوس الأفراد يؤدي بالتالي إلى توطيد دعائم التقدم في المجتمع.
4- القضاء على الفوارق العنصرية أو إضعافها، وتحقيق المساواة بين الأفراد وذلك بسبب اشتداد الطلب على العمل من جانب أصحاب الأعمال)). وغير ذلك من الفوائد.
- ملاحظات مهمة على العمالة الكاملة:
1- إذا أخذنا مفهوم العمالة الكاملة السابق، فإنه من المستحيل أن يشتغل 100% من قوة العمل في المجتمع في أي وقت من الأوقات، بل لابد أن تكون هناك نسبة صغيرة منهم بدون عمل.
2- مفهوم العمالة الكاملة السابق، إنما يصدق على الدول المتقدمة، ولا يصدق على الدول النامية (المتخلفة)، لوفرة العمل فيها بالمقارنة بالأصول الإنتاجية.
3- مفهوم العمالة الكاملة السابق، لا يعني انتفاء البطالة تمامًا، فهذا من المستحيل في اقتصاد نام، ولكنه يعني وجود حد أقصى من العمال العاطلين لا يتجاوز 3% أو 4% أحيانًا.
يقول أحد الباحثين: ((وبالطبع فلن يحدث توظف بنسبة 100%  خصوصًا بالنسبة لعنصر العمل، وإنما هناك قدر من البطالة الاحتكاكية يمكن أن يوجد في أي وقت ويظل يصدق على المجتمع حالة العمالة الكاملة)).
ويقول آخر: ((والواقع أن العمالة الكاملة لا تتحقق أو قلما تتحقق، إذ يبقى من الناحية العملية شيء من البطالة، ولكنها على أية حال بطالة ليس منشؤها ندرة في طلب العمل، بل ترجع إلى عدم القدرة على العمل أو إلى الذعر وتشتت السكان وغير هذه من الأسباب التي لا تتصل بالعمل وندرته)).
4- يقول أحد الباحثين: ((ولقد تبيَّن من التجارب التي شهدناها أن تحقيق العمالة الكاملة يتطلب قدرًا كبيرًا من وسائل القهر والإكراه، إذا كان المراد بالعمالة الكاملة هو توظيف كل فرد قادر على المشاركة المجدية في النشاط الانتاجي الأهلي)).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قد يهمك أيضاً :