إن
حوادث المرور ظاهرة موجودة في كل المجتمعات سواء تلك المصنفة بدول العالم الأول من
حيث تقدمها التقني والصناعي وتلك المجتمعات المتخلفة صناعياً وتكنولوجياً ، إلا أن
هناك بطبيعة الحال اختلافاً في الكم والكيف لتلك الحوادث بين تلك المجتمعات ويرجع
ذلك التباين والاختلاف في نوع وعدد حوادث المرور في أغلب الأحيان أي الثقافة
المرورية المرتبطة بالإنسان السائق نفسه على الرغم من وجود أسباب كثيرة ومتداخلة
تؤدي إلى الحادث . ولا شك أن نوع الطرق واختلافها من حيث عرضها واتساعها وما يحيط
بها من صخور وأشجار ودواب سبب من أسباب وقوع الحوادث ، كما أكدت بعض الدراسات أن
وجود التقاطعات في الشوارع بشكل غير مدروس مع خلو تلك الشوارع من اللوحات الإرشادية للسائقين من أسباب وقوع
الحوادث المرورية ( عبد العال 1417هـ )
. هذا العامل وما يندرج تحته من العوامل الخارجية عند الإنسان.
السبب الثاني لوقوع الحوادث المرورية هي
المركبة والتي تعتبر العامل الوسيط في سلسلة العوامل المسببة للحوادث ولا يمكن
الفصل بين السيارة وبين شخصية قائدها ( السيف وآخرون ، 1411)
فسلامة المركبة وصلاحيتها وتوفر جميع وسائل السلامة يساعد في تقليل الحوادث
المرورية من خلال مساعدة السائق في التحكم بالمركبة ، وتشير بعض الدراسات في هذا
الجانب إلي أن للمركبة وصيانتها أثر في نسبة الحوادث في المجتمع وهذا يستدعي صيانة
متكررة ودورية للمركبة من أجل صلاحيتها للقيادة وبالتالي تلافى لحدوث وتجنب وقوع
الحوادث المرورية الناتجة من ذلك ( عبد العال ، 1417هـ ).
أما العامل الأكثر سبباً للحوادث كما تقول
الدراسات بهذا الخصوص هو العنصر البشري المتمثل في السائق الذي له الدور الرئيسي
في وقوع الحوادث فخصائص السائق الثقافية والتعليمية والعمرية وخصائصه النفسية تلعب
دوراً بارزاً في وقوع الحوادث المرورية ، فقد أكدت بعض الدراسات أن الحوادث
المرورية تقل بين الفئات ذات المستوى التعليمي المتقدم لما يؤدي ذلك من إكساب
للخبرة ورفع الكفاءة وحسن التصرف مع مستجدات الطريق. كما أن العوامل الانفعالية
والاتجاهات النفسية السلبية تجاه بعض المواقف الاجتماعية في الحياة اليومية تؤدي إلي
حالة نفسية مضطربة وغير مستقرة تكون عامل قوياً في ارتكاب حوادث مرورية
( السيف ، 1417).
ولا شك أن المجتمع المتحضر هو الذي يتمتع أفراده
ووحداته ومؤسساته الاجتماعية بقدر كبير من
أنماط السلوك الحضاري . ونعني به عدم التناقض بين الفعل والقول . فكلنا يعرف أن
هناك فرقاً بين الحضرية والتحضر ( غيث ، 1980م ). ونرى وفق هذا المفهوم أن العلاقة وطيدة بين ثقافة الفرد في المجتمع الحضري وبين
سلوكه وبالتالي بين الثقافة والمخالفات المرورية . ذلك لأن الثقافة تشكل ضابطاً
لسلوك الفرد دون الحاجة إلى وجود الرقيب ( الغامدي ، 1414هـ).
في دراسة بعنوان ( وزارة المواصلات دورها
في تحسين السلامة المرورية ) ( المقبل 1419هـ. )
أظهرت المعلومات التالية :
عدد
المركبات في العام 1390هـ في المملكة لم
يتجاوز مائة ألف سيارة. وفى العام 1419هـ زاد عن خمسة مليون سيارة ، الأمر الذي
أدى إلى ظهور تحديات كبيرة منها كثافة حجم حركة المرور ، وزيادة العبء على العاملين
في قطاع المرور ، والحاجة إلى المزيد من الطرق وأن ذلك أثر بشكل مباشر على السكان
في المملكة ، وادخل عناصر سلوكية جديدة ، واحتاج الأمر إلى وجود برامج لتدريب
السائقين ، وقد اعتبرت هذه الدراسة أن السائق يشكل العنصر الرئيسي في مشكلة المرور
(ص76) .
وتشير دراسة أخرى بان سلوك السائق والذي
يستمد من ثقافته لها علاقة وطيدة بنمط قيادته للمركبة ( Lauer, 1972 ) ، كما نجد أيضا أن بعض الدراسات تؤكد أن البيئة الثقافية المحيطة
بالسائق تؤثر في سلوكه وفى أنماط قيادته سلباً وإيجابا (
Zaidi,
1992
) كما وجد بعض الباحثين أن
انخفاض المستوى التعليمي لدى السائقين والذي بدوره يؤثر في الوعي الاجتماعي
والثقافي لدى الأفراد كان من أهم الأسباب وراء حوادث المرور. ( Jinadu, 1984 )
كما كشفت دراسة عن حوادث المرور في مدينة
الطائف عن التزايد المستمر عام بعد عام وان من أهم أسباب تلك الحوادث هو السرعة
الزائدة داخل المدينة وخارجها وهذا
يرجع إلى عدم وعي وثقافة قائد المركبة(الغامدي ، 1418) . كما أشارت أيضا بعض الدراسات إلى أن
عدم التفكير الجدي والوعي الكامل ولا سيما لدى المراهقين هو السبب في ارتفاع نسبة
الحوادث بين تلك الفئة من فئات المجتمع((Beamish and
Maefetti,1996.
وفي دراسة عن حوادث المرور بمدينة مكة
المكرمة وجد أن السرعة الزائدة والتجاوز غير النظامي وعدم التقيد بإشارات المرور
من أهم أسباب الحوادث هناك وهذا بلا شك يعود إلى الوعي والإدراك المرتبطة بالثقافة
الحضارية للسائق ( الصالح ، 1408).
ومن جملة الأسباب التي أدت إلى وقوع حوادث
في الأردن هو تدنى الثقافة المرورية لدى سائقي السيارات وعدم كفاءتهم ، كما وجد أيضا
أن عدم تقيد السير على الطرق من تجاوز للسرعة وعدم التقيد بأولويات المرور
والانعطاف الخاطئ والوقوف الخاطئ وقيام بعض السائقين بقيادة مركباتهم في ظروف صحية
ونفسية غير ملائمة من آدت وقوع الحوادث وهذه الأسباب مرتبطة ارتباطاً وثيقاً
بثقافة السائق ووعيه وإحساسه بخطورة المخالفة المرورية ( عبده ، 1417) ، كما يؤكد بعض الباحثين أن الصفات الإنسانية
كالعادات والمستوى التعليمي تلعب دوراً كبيراً في اكتساب الخبرة ورفع الكفاءة وحسن
الخلق فاللامبالاة هي التي تؤدي إلى القيادة بسرعة فائقة وإلى تخطى الإشارات
والتقاطعات وعدم الالتزام بالمسارات المحددة ( عبد الرحمن ، 1403).
كما كشف أحد الباحثين أن المستوى التعليمي
للسائق له أثر كبير في كثرة أو قلة الحوادث في المجتمع حيث تبين أن السعودي
المتعلم اقل تورطاً في الحوادث من الأمي باعتبار أن السائق المتعلم لديه الإلمام
بقواعد وأنظمة السير عن غيره ( Jallel,1973.
أن عدم الامتثال لقواعد المرور وسلامة
السير سلوكاً عفويا ومصدره ضعف التأهيل للاندماج في النظام الحضري من خلال التأهيل
والتنشئة التي تقوم بها المؤسسات
الاجتماعية الرسمية وغير الرسمية في المجتمع ( يوسف ، 1414).
مصادر حول الحوادث المرورية :
(1) جمال ، عبدالمحسن عبدالعال ، الحوادث المرورية
والعناصر الحاكمة لها ، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية ، الرياض ، 1417هـ ،
ص26 .
(1) عبدالجليل ، السيف وآخرون ، دراسة أسباب ارتفاع
نسبة إصابات المرور في كل من منطقة مكة المكرمة ، المنطقة الشرقية ووسائل تلافيها
، مرجع سابق ، ص28 .
(2) جمال ، عبدالمحسن عبدالعال ، الحوادث المرورية
والعناصر الحاكمة لها ، مرجع سابق ، ص39 .
(3) عبدالجليل ، السيف ، تطور أساليب تنظيم إدارة
المرور جوانب نظرية وتطبيقية ، الرياض ، 1417هـ ص25 .
(4) عاطف ، غيث ، التغير الاجتماعي والتخطيط ، دار
المعرفة الجامعية ، 1989م ، ص22 .
(1) سعيد ، فالح الغامدي ، التشابه والاختلاف في بعض
عناصر الثقافة غير المادية في الوطن العربي ، دراسة تحليلية مقارنة لدورة الحياة ،
مجلة القاهرة للخدمة الاجتماعية ، 1414هـ ، ص76 .
(2) عبدالله ، عبدالرحمن المقبل ، وزارة المواصلات
ودورها في تحسين السلامة المرورية ، ندوة النقل البري بين الماضي والحاضر ، جامعة
الملك عبدالعزيز ، جدة ، 1420هـ ، ص127 .
(3) عبدالله ، النافع ، خالد ، السيف ، تحليل
الخصائص النفسية الاجتماعية المتعلقة بسلوك قيادات السيارات بالمملكة ، مدينة
الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ، الرياض ، ص38 .
(4) سعيد ، فالح الغامدي ، التشابه والاختلاف في
بعض عناصر الثقافة غير المادية في الوطن العربي ، دراسة تحليلية مقارنة لدورة
الحياة ، مرجع سابق ، ص85 .
(1) محمد
، الشعوان ، أسباب الحوادث المرورية ، ورقة علمية قدمت في الندوة العلمية لأساليب
ووسائل الحد من حوادث المرور ، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية ، 1417هـ ،
ص35 .
(2) Lauer A.R. “The Psychology of driving” Chales C. Thomas publishing Co.
U.S.A.1972.P10.
(3) Jinadu,
M.K. Epidemiology Of Motor Vehicle accidents in a developing country, a case of
Oyo state of Nigeria. J.R.S.H. vol 4,
1992, P35.
(4) علي ، سعيد الغامدي ، أسباب الحوادث المرورية
في المملكة العربية السعودية ، المؤتمر الوطني الأول للسلامة المرورية ، الرياض ،
1418هـ ، ص17 .
(5) Beamish,
J. and Malfetti, " A psychological Comparison of Violator and non-violator
automobile drivers in 16 to 19 years age group, Traffic research Review,
1962.
(1) ناصر ، عبدالله الصالح ، حوادث المرور بمدينة
مكة المكرمة ، العلاقات المكانية والاتجاهات الزمنية ، مركز بحوث العلوم
الاجتماعية ، جامعة أم القرى ، مكة المكرمة ، 1410هـ ، ص25 .
(2) محمد ، عبده ، حجم مشكلة المرور في الاردن :
أسبابها ودور مديرية الأمن العام في الحد من حوادث السير ، أكاديمية نايف العربية
للعلوم الأمنية ، 1417هـ ، ص22 .
(3) المقبل ، عبدالرحمن ، وزارة المواصلات ودورها
في تحسين السلامة المرورية ، ندوة النقل البري بين الماضي والحاضر ، جامعة الملك
عبدالعزيز ، 1420هـ ، ص ص 127-140 .
(4) Jallel, Sew an Examination of the Knowledge of
traffic regulations and defensive driving among a selected sample of Saudi
Arabia private care owners, Michigan state university unpublished Ph.D.
thesis, 1973. P62.
(1) إبراهيم ، يوسف ، الإشكالية الثقافية لظاهرة
حوادث المرور ، بحث مقدم للحلقة الدراسية الخامسة لمنظمة عواصم المدن الإسلامية ،
سلامة الطرق الحد من الحوادث المرورية ، أنقرة، تركيا ، 1414هـ ، ص17.